الأيام لا تُحابي أحداً . تسيرُ بذات الوتيرة ولا تخفضُ من إيقاعها لخاطر هذا ، أو لإرضاء ذاك . ولا تأبهُ بمن اتخذوها ذريعة إخفاقٍ ، أو تبرير فشل .
حين تشعر بأن الوقت ينفد منك ، وأن الزمن لا يكفيك ، والساعات تضيقُ عليك ، وعقارب الساعة تتآمر ضدك ؛ فتقفزُ بدلاً من أن تمشي ، فراجع نفسك ، فالخلل في إحساسك أنت بالوقت ، أو بتقديرك لأهميته ، أو بوسائلك التي اتخذتها للحفاظ عليه ، والاستفادة منه كما ينبغي . وتذكر أن ذات الوقت ، بذات الإيقاع ، هو الذي أسعف غيرك ليبني نجاحاته ، وفاض عن حاجة ضروريات البعض ليصب في هواياتهم ، وهو نفسه – الذي تضيق منه – قد اتسع ليؤثث به بعضهم مساحات من الانجازات . أنت لا تُساعدُ نفسك حين تمضي وقتك تبحث عن مبرر تكذب به على نفسك قبل غيرك . وأنت – من حيث لا تعلم – تضيع مزيداً من الوقت كان حرياً بك أن تنفقهُ في السعي لإصلاح ما يمكن إصلاحه ، ومحاولة اللحق بالركب الذي قد تخلفت عنه .
المفارقةُ أن الناجح يبحث عن الأسباب التي أدت لنجاحه ليضمن الاستمرار فيه ، بينما من لازمه الفشل لا يهتم بعوامل الفشل التي تحيط به ، ولا يكاد يلحظها ، بل يستبدل الاستفادة من أخطاء السابق ؛ بالبكاء عليها ، ومحاولة تسبيبها ، إن بالحظ تارةً ، أو بخيانة الوقت تارةً أخرى ، وبالتأكيد لن ينسى لوم أولئك الذين خذلوه ، ولم يأخذوا بيده ! .. وهو هنا قد وقع في فخ الرمال المتحركة ، هو غارقٌ في وحل الخيبة لا محالة ، وكل حركاته وتخبطاته لن ترفعه لأعلى ، بل ستسرعُ به نحو الأعمق .