كذبٌ مُباح

أكذب العبارات هي التي نتماسك بها ظاهرياً حين يكون أجمل ما فينا قد انكسر، ونرمم بها أنفسنا بكلمات تطمئن من قد يروعهم انكسارنا، وهي ذات الكلمات التي تزيد من عذابنا عذاباً، حين تضيف لانكسار الروح تظاهرٌ كاذبٌ بالثبات!

أن يبكي قلبك فتلك معاناة، وأكبر منها أن تمنع عينيك من أن تشاركه البكاء، خشية هلع مُحبٍ أو شماتة عدو، وتسارع بيديك لتمسح تلك الدمعات التي فرت قسراً من سياج جفنيك.

أن تقول “ما فيني شيء” ، وكل ما فيك ينبئُ عن شيء، وصوتٌ بداخلك يتردد صداه: “بل فيك كل شيء” !

وأن تحبس الهم في حنايا صدرك، وتجعل قلبك يحتويه كي لا يراه أحد، ويصبح الهم كالذنب: “ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس”!

تلك العبارات هي الكذب المباح الذي نرتق به الثقوب التي يحدثها الألم الذي يختلج في قلوبنا، وهي الارتياح الذي نزرعه في أفئدة أولئك الذين يهتمون بنا، وهو ذات الارتياح الذي نفتقده بشدة.

كما أنها الغشاء الذي نُلقيه على أعين من يتحينون الفرص ليفرغوا ما في جعبتهم من قيح التندر، وصديد الشماتة. وهي خيط الأمل الأخير الذي نمسكه، وآخر قشة تفاؤل نتعلق بها، كي لا نسقط في بحر اليأس الذي ما له قرار.

 

 

مخرج/

وحدهم أصدقاؤنا الحقيقيون هم الذين لا تنطلي عليهم كذباتنا تلك!

مشاركة التدوينة:

إضافة تعليق

أحدث التعليقات

تصنيفات

الأرشيف